التصنيف: أخبار

في (عود أزرق) لليلى الأحيدب.. نصوص نثرية تفيض بالحكمة والفلسفة

كتب: سعد عبدالله الغريبي في مجلة اليمامة | 7/9/2023 النثر الأدبي فن يكاد يندثر. فقد رسخ في أذهان جمهرة الكتاب أن الشعر يعلو ولا يعلى عليه. ولأن الشعر موهبة يمنحها الله لمن يشاء فقد حاول جمع من غير الشعراء تصنيف ما يكتبون بالشعر، ولو كان خاطرة أو قصة قصيرة أو كلاما منثورا لا رابط يربط بين أجزائه!.. ومن هنا أطرب لمن يكتب النثر ويقول لنا إنه نثر، فكم من نثر أجمل من الشعر، وكم من كُتّاب وجدنا في نثرهم متعة لم نجدها في الشعر. وأمامكم نثر نزار قباني وغازي القصيبي وجبران وغيرهم كثير.. ومالي أذهب بعيدا وأمامنا إصدار الأديبة ليلى الأحيدب الأخير (عود أزرق). هذا الكتاب صدر عن دار رواشن للنشر بالإمارات العربية المتحدة في طبعته الأولى عام 2019 في سبعين صفحة، يضم سبعة وأربعين نصا أدبيا لا يخلو نص منها من حكمة وفلسفة ورأي.تقول كاتبتنا في نص بعنوان (وصية):“لا تضع قلبك في رسالةضع قبل القلب عتبةلا تجمع شغفك في سلة واحدةدعه ينمو كشجيرات الظل الهادئةتعلم أيها العاشق أن تقرأ وِرد حبك مجزوءًا، لا دفعة واحدة..وحين توازن المؤلفة بين النخلة والزهرة في نص بعنوان (نخلة)، فهي تضع في حسبانها أن لا أحد يفعل ذلك، فهي – بدون شك – لا تقصد النخلة ذاتها ولا الزهرة عينها، وإنما ترمي إلى أبعد من ذلك.. إلى كل من يخطئ عندما يقيس أمرا بأمر يظنه مثله، وهو لا يشبهه بحال. تقول:“النخلة ليست وردةلیست رمزًا عابرًا للغزللا تحمرُّ وتصفرُّ طوال الوقت مثلهالا تذبلُ وتتفتت..النخلة لا تُقطف مثلها..لا تُحبس في مزهريةلا توضع على طاولةولا تضطر لسماع هراء الساسة، وثرثرة الفارغين..لا تُرمى مثلها في سلة المهملات بعد انتهاء الحفلالنخلة تزرعها في جوف قلبك وأنت مطمئنفلا ورق يسقط، ولا رائحة تزعج، ولا شوك يجرحكل ما فيها مُسالمسعفُها.. جمَّارة قلبها.. رطبها.. وهيبتُها في المكانتموت الوردة سريعًاوتبقى النخلة واقفة بعد موتهاوجذورها تمسك قلب الأرض”.وفي خاطرة يعنوان (وعد) تقول:“أشياء كثيرة سأفعلها عندما نلتقي.. هكذا أقول لنفسيوعندما نلتقى لا نفعل شيئًاسوى أننا نلتقي”.والحقيقة أن هذا ما نفعله جميعا، وفي كل مناسبة.. نضع أهدافا للقاء، وملخصا لما سنقول، ولما سنركز عليه، ونعد إجابات لأسئلة متوقعة من الطرف الآخر. لكن كل هذا التخطيط يتبخر في لحظة ما ولسبب ما..وقد عبر كثير من شعراء الفصيح والعامي عن هذه اللحظة، فهذا أحمد رامي يقول من شعره الفصيح:أزِنُ الحديث أقوله عند اللقـا فيضيع عند تقابل النظراتوهاهو الشاعر نفسه يقول في شعره المغنى:ولما أشوفك يروح مني الكلام وأنساه.ومن نصها المعنون بـ (شجرة) تقول أديبتنا:“إن أغرمت بالشجرة فلا تصادق الفأس، ولا تجامل الحطابولا توهمها أن النار تضطرم دونما بأسلا يُغرم بالشجرة من كان في سلام مع الفأس”.والمغزى واضح، وهو أنك لا تستطيع أن تدعي محبة شخص في الوقت الذي تتخذ عدوه صديقا حميما لك. ولو أردنا أن نطبق هذه الحكمة على كثير من أمور حياتنا، وتعاملنا مع الآخرين – دولا وأفرادا – لما أمكننا العد.ولا يسع متصفح هذا الكتيب أن يتجاوز هذا النص المعنون بـ (تعليل) الذي تقول فيه:“يمكنك أن تقدم الرغيف للصائغ كي يحكم على جودتهلكنك لا تقدم ألماسة إلى خبازليس لأن الخباز في مرتبة أقل؛ بل لأن رغيف الخبز في مرتبة أعلى”.وحين تتحدث الأستاذة ليلى عن المرآة، وتعامل الرجل معها تغلف ذلك بسخرية طريفة. نجد ذلك واضحا في نصها (جدل) حيث تقول:“هناك ثلاث نهايات محتملة للحوار مع امرأة:أن يكون الكلام نهرًا، وأنت فيه السمكة..أو يكون بحرًا، وأنت فيه القِرش..أو دهناء شاسعة، وأنت فيها السراب..قبل أن تتخيل نهايتك جرب قدرتك على الصمت”.وتعلل الكاتبة للصمت الذي يعترينا أحيانا، أو نلجأ إليه تعليلا لطيفا حين تقول:“تعلَّمَ الكلامُ أن يبقى على الرف،ليس لأنك لا تهتمبل، لأن فراشة الكلام أحرقها مصباح الانتظار”.وفي نص بعنوان (توحد) تعرض أديبتنا لمفارقة تعاملنا مع كل من الحزن والفرح. فنحن نحتمل الحزن ونستطيع التعامل معه ونسيانه أو تناسيه لا سيما حين نكون مع الأصدقاء، لكن أقل مقدار من الفرح حين يحل علينا ولا نجد من نقتسمه معه يتحول إلى حزن أكبر! تقول:“يمكن للحزن أن يمكث منفردًا في روحك يتجمع كبركة آسنةيتخثر.. يتحول لكتلة جامدة وصلبةتزدردها مع أحاديثك، وضحكاتك، وابتساماتك المزيفةتطوي أوجاعك في ركن مهمل من نهارك، وليلك..تجابهه بفخر، وتمضي غير آبه بوحدة الوجعيمكنك اجتياز ذلك الحزن مع فداحتهيمكن عبوره بقدمين تخصانك وحدكلكنك تقع في الحزن الأكبر حين يحل بمسائك فرح صغيرولا تجد من يقتسم معك هذا الرغيف الساخن”..وأختم هذا العرض لكتاب الأستاذة ليلى الأحيدب بنص (ميثاق) الذي لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح:“لا تعط وعدًا، وأنت لا تنوي أن يكون عهدًاولا تعط عهدًا، وأنت لا تقبل أن يكون قيدًاوعندما يُقيِّدك حبل العهدلا تصرخ: أنا في القيد أرسف”!!أنت في البدء منحت الكلمة والكلمة قيد على صاحبهاشرفُهُ أن يتمَّهاأو يُطبق فمه على الصمت عند حضور السؤال”!

“أشياء يدخرها المرء لنفسه” جديد الشاعرة السورية ناريمان حسن

“أشياء يدخرها المرء لنفسه” جديد الشاعرة السورية ناريمان حسن

نشر في موقع رابطة الكتاب السوريين | 29/04/2024 عن دار رواشن للنشر في الإمارات، وتحت عنوان: “أشياء يدخرها المرء لنفسه”، كتاب جديد للشاعرة السورية ناريمان حسن، وذلك ضمن فعاليات معرض أبو ظبي الدولي للكتاب. تتناول نصوص الشاعرة آلام المنفى، وتستحضر صور الراحلين والغائبين، باحثةً عن أفق جديد: “أحصي دموعي على ضفة الحزن وأطلق سراحها في البحيرة، كما لو أنها سفينة ورقية، تصلح لتكون قافلةً لطرد المأساة التي ولدت معنا حين قررنا كما الأقوياء الوقوع في الحبّ”. يذكر أن ناريمان حسن شاعرة كردية سورية من مواليد 1997، تقيم حالياً في تركيا، ولها نصوص ومشاركات أدبية في مجلات ومواقع عربية عدة. من أعمالها المنشورة: “غزالة تعرج نحو منفاها” عن دار التكوين. من أجواء المجموعة: (كلمات عشوائية) فاجأني العالم كثيراً حياتي التي بلا وجه غدا لها وجوه كثيرة لم يكن بينها القسوة قط والقسوة التي تلقيتها من الخارج لم أستطع أن أحمل منها شيئاً إلى البيت سوى جراحه اختلطت بالآخرين… فتدفق الألم ببطء عبر خلاياي سارت أمامي فراشات ملونة، خشيت أن أفتح لها يداي لتترك أثراً. أنا التي تبكيني النبرات المرتفعة وتبكيني القسوة والكلمات.. الكلمات العشوائية التي تقال كيف أحتمل آثار التلوين على يدي دون أن أذوب؟ أوازن بين رقة اليراعات والقسوة التي تتسرب من أبواب الغرباء أنا التي ولدت بلا وجه محدد امتلكت كل الوجوه مؤخراً غير ذلك الوجه الصلب، الذي لا يمطر دموعاً كلما تهب عواصف عشوائية كالصفعات على الروح.

إنصاف الأعور معضاد: ضحكات مسروقة من ثغر النساء

إنصاف الأعور معضاد: ضحكات مسروقة من ثغر النساء

كتب: حسام معروف | صحيفة الأخبار اللبنانية (19/09/2020) أعادت «دار رواشن للنشر» أخيراً إصدار مجموعة «الله والحبّ اليابس» للشاعرة اللبنانية إنصاف الأعور معضاد، بعد ستة عقود من نشرها. وكانت الشاعرة قد رحلت عن عالمنا في عام 2013، مخلفةً ثماني مجموعات شعرية، والأعمال الشعرية الكاملة عام 2001. ويعد الناشر في مقدمة المجموعة بأن تكون هذه خطوة أولى نحو سلسلة منشورات للشاعرة. في نصوص هذه المجموعة، تصارع الشاعرة اللبنانية، مكوّنات الحياة اليابسة، تستدعيها، لتعرّيها أمام الوعي، وتضعها في نصابها الحقيقي أمام العين.معضاد تطرح صرخاتها في وجه الحياة المعتمة، وتعيد في نصوصها الضحكات المسروقة من ثغر النساء على طريقتها. فليس للمظلوم إلا حلم، يرى فيه ضحكاته التي طحنتها عجلة الزمن، وشراسة الإنسان. يمكن للشعر فعل ذلك، يمكنه كسر الجمود داخل الذهن البشري، ليحرك فيه أسئلة الحياة المشروعة، وينبت فيه شجرة، تعبر عن بذرة مدفونة في التراب لوقت طويل. إنها لحظات تأملية لرؤية الخضار مرة أخرى، وسط سواد الأشياء المحترقة من حولنا. تخاطب معضاد النكهة القاسية لتذوقنا مكوّنات العالم، بعقل عاش في منتصف القرن الماضي، وتدخل الشاعرة واقع الألفية الميلادية الثالثة، كأنها بعينها، ومن ثقب واسع، كانت ترى مستقبل الأرض، بعد ستة عقود. هذا عصر كورونا أيتها الشاعرة العابرة إلى كل زمن، هذا عصر فرقة البشر، وتباعدهم الاجتماعي، حيث ينكسر الإنسان الضعيف مرة أخرى، كان الشعر يراه هكذا وكنتِ أنت كذلكِ، بمعايير زمن ماض. شعر معضاد ينطلق مكثفاً متراصّاً من دون فراغات، بلغة تحتاج إلى الغوص بعمق لاستكشافها. في ثيماته المختلفة، تظهر جمل الاعتراف، والجمل التوصيفية، الدائرية، حيث تعيد تكرار جمل مطلع النص في الكثير من قصائدها، وكأنها هي البؤرة التي تدور حولها بقية الصور، كما في نص «الله والحب اليابس». في رحلة الإنسان مع البكاء، ينشغل الجسد بتفادي المزيد من الوخز، ويبحث عن طريقة لنسيان الأصوات المصاحبة للألم. ذلك الضجيج الذي يغطي على صوت الموسيقى في العالم، ليصمّ أذن الإنسان عن الجمال. إنها تأملات على شكل دمع أسود، تحاكي الشاعرة من خلالها هياكلَ صففها الألم في منتصف الطرقات، فتوقف الإنسان عن ممارسة فرحه. بهذه الشحنة الجافة تخاطب معضاد الحياة عبر نص «أيها الألم»، فتكتب: أيها الألم/ تقع وراء العين… وراء الخطى/ ونبكي، لأننا أجساد/لأن لحومنا تدميها الدبابيس/ ونبكي، لأننا نقع وراء نفوسنا/ ولا نستطيع الرفض/ لا نستطيع شرب الماء/ أيها الألم/ بدون انقطاع نبكي/ لأن الجنون في بلادي دفن/ وضع في كهوف عتيقة/ يأكله العفن./ التراب البكر/ فقد رائحته الأولى/ بقينا دون جمال».وبينما يمارس الإنسان ضعفه، يمارس الشعر ثورته وغضبه. لا شيء رقيقاً كالشعر، ولا شيء قاسياً مثله. بواسطة نصوصها، تُصدّر الشاعرة السياسة والعادات والتقاليد، وتوابيت المجتمع المتحكّمة بالإنسان، إلى مسرح العرض، باحثة عن اللحظة الكاشفة، لتصرخ في وجه ذلك كله، وتنهى، وتنفي وتنهر، وتتحدى كل الطواغيت بلغتها الحية. هنا جزء من فلسفة المجتمع المفروضة على جسد الأنثى، فلسفة جامدة، يتغير الوقت على الدوام، وتبقى هي ثابتة مثل قبر معتم. لم يكن اعترافاً بقدر ما هو سخرية، سلوك معضاد الشعري في وجه المجتمع، فإقرارها بأنها أنثى، تحترم الأسياد، وتخيفها رائحة الدم المسيطرة في قصص الجدة، يعتبر جَلداً صريحاً للنظام الاجتماعي، حيث تكتب في نص «لا تقطع يدي»: «لا تقطع يدي/ لا تصفع وجهي/ يتيمة يا سيدي/ يجب أن يحميني سقف/ إنني أنثى في هذه البلاد/ يجب أن ألبس الرداء/ وأحترم الأسياد./ أتذكر جدتي/ قبل كل نوم/ كانت تقص عليّ القصص/ عن نار جهنم/ وعذاب الدم… الدم»وتؤكد الشاعرة في أكثر من مرة على أنها امرأة في هذا المجتمع. لا عن الناحية الفيزيائية تتحدث، وإنما عن فكرة المرأة في مجتمع يعتبرها «فضيحة» واجبة المواراة.ولأنها كذلك، يجب قمعها أكثر، ومنعها عن الحياة، وإشباعها بالذل. هل تغير الحال بعد ستة عقود؟ فما زالت المرأة في الشرق تموت دون موت، وتنتهي تحت خوفها، كما تقول الشاعرة، في نص «مدينة قوافل النمل»: «أنا امرأة في هذه البلاد/ أنتهي تحت خوفي/ أموت بدون موت/ الرؤوس تتجمّع/ اللعنات تكبر/ ترسم وجوهاً ضالة كالثعابين». ولطالما كان الشعر شريكاً في فهم الإنسان للآخر، فهو ممر خارج سياق الواقع الخشن، يعبره العاشق؛ ليجد الطرف الآخر، ويلامس، الخيط النقي فيه. وقد كان الحب في نص معضاد، بمثابة لوعة. حالة من التبخر، للطرف الآخر، خلف الأفق، خلف العالم كله، وما يكون للمشتاق من الإبحار نحوه، وحذف النوم من الحياة، إلا الانتهاء على حافة الوجه، كدمعة تدحرجت طويلاً. تكتب الشاعرة في نص «شراعي الأزرق»: «سرقني الشوق/ لا أعرف النوم يا حبيبي/ شراعي الأزرق/ يقطع الأفق الأزرق/ رائحة الربيع/ تعلق فوق صدري/ أنتهي/ كالدمعة على حدود الوجه».أما عنوان المجموعة «الله والحب اليابس» فهو لنصّ ملحمي، تخطو فيه الشاعرة نحو باب العالم، لتنقش على سطحه أشكال الموت المختلفة في الأرض، وتكتب الأسئلة المتضخّمة، التي لا تصعد إلى السماء، عن الطبيعة وحِدّة سلوكها مع المرء، والجراح التي يحملها الإنسان حتى يتجعّد جلده، ويذهب عقله، ويتوارى جسده. وترصد أيضاً سخافة القتل، والخوف، والظلم، ونهايات الإنسان المكررة، ورتابة العيش مع الصورة ذاتها. تكتب معضاد نصاً طويلاً تتناول فيه حسرة الإنسان وخذلانه، وهذا جزء منه: «العين الزرقاء المحدّقة/ يا لشدة لهفتي/ لمن تشرق الشمس/ لتأكل لحومنا الطرية/ وتلقيها غباراً على الذراعين/ أجسادنا حبات قمح/ دُفنت في الأرض/ امتصّتها الرطوبة/ ظهر بخور مريم حزيناً/ وشقائق النعمان ضاحكة».

لكل شاعر مريد.. ذاك سحر القصيدة

لكل شاعر مريد.. ذاك سحر القصيدة

نوف موسى ــ دبي  أن تحمل الشعر بين يديك وتقدمهُ للعابرين، لإغداق الحُب عليهم دون سابق معرفة، هو بحد ذاته شجاعةٌ أنيقة، حد الاهتمام بذائقتهم الحسّية. وقوة الشعر دائماً في أنه الأقدر على الدفع بنا جميعا نحو التجربة، التي ستسقط منّا يوما ما عند تلك الحقيقة التي لا يمكن وصفها أبداً. بهذا الجمال المترامي على أطراف الحياة تبث «رواشن للنشر» دعوات الحضور إلى جلسات «صيف رواشن 2019» للاستماع إلى القصيدة، باعتبارها ممراً ساحراً للاستواء على المعنى في أن «لكل شاعر هناك مريدا»، بحسب ما عبر عنه معتز قطينة، مؤسس الدار لـ«الاتحاد»، خلال أمسية شعرية، قُدمت مساء أول من أمس، بالتعاون مع «كتّاب كافيه»، في دبي، أطلت فيها الشاعرة إيمان محمد، عبر ديوان «غُرفة مواربة» وديوان «إن غابت السدرة وإنْ ابتعد البحر»، وكشف فيها الشاعر أحمد محجوب «السيرة الذاتية لعَبْدِ السوء.. الخروج من الحبيبة». «كعاشقٍ في الطريق، كشجرةٍ عامرة بذاتها، وَسِع مكانك للعوامْ، صدقني الطريق هو التدبر».. يقرأ أحمد محجوب لأول مرة قصائده التي طُبعت دون أن يعلم، من قبل معتز قطينة الذي أقر بأهمية أن يبحث بنفسه عن النصوص الجيدة، قائلاً: «سنعيد الشعر إلى موضوعه الطبيعي، أُهمل لأكثر من 20 أو 30 سنة، بوهم أن الناس يعيشون حالياً أشياء أخرى غير إدراكهم للقصائد، إلا أن ما لمسناه من تفاعل الحضور مع أمسياتنا لشعراء يكتبون لأول مرة، يقلب المعادلة تماماً». يضحك أحمد محجوب بين كل قصيدة يقرأها، ويلمح للحاضرين بمدى أثر تجربة القراءة نفسها عليه في الأمسية: «جئتُ هنا لأرى كيف سيبدو الأمر عليّ بيني وبين القصيدة وبينكم». واللافت جداً ما ذكره محجوب عن ذلك الارتياب للسؤال الذي قد تُولده القصيدة بعد تقديمها للجمهور. «يربطون أصابعي بخيوط الصوف الملونة، الخيوط التي صبغتها فتيات قريتي البعيدة، المنسية والمخفية، بين الجبال الشاهقة.. يشدون الخيوط يعقدونها بعناية.. عقد كثيرة ومتراصة.. ومتراكمة.. يدقونها ويجدلون أطرافها.. حتى تصير يداي سجادة عظيمة». في هذه اللحظة بالذات من قراءة إيمان محمد لقصيدتها التي قُدمت ضمن مشروع «هيتروتوبيا أبوظبي» الفني، حيث عُرضت في سوق السجاد، تساءلت كثيراً عن التحول في قصيدتها، خاصةً أنها أقبلت علينا منذ البداية بقصيدة «هناك من نخشاه من فرط الحب»، تقول فيها: «كيف تنكسرُ شوكة الغضب داخلكَ كلما فتحتْ هي باب الحديث معك؟ كيف تبكي أمامها بكبرياء الرجال حينما تربتُ هي على وجع شيخوختكَ؟ كيف تترُكها هكذا تسير على الحبال المعلقة وتكتفي بالرقية والدعاء وأنت تراها تبتعد؟». تتأمل إيمان نفسها بعد كل قصيدة، بهدوء جداً، «مثل هذه المدينة المغزولة بماء البحر»، وتقول: «هناك قصائد تتكون فيَّ الآن، أتركها للوقت وللفضاء واللحظة. الديوان الجديد يحتاج بالطبع لقرار الجلوس أمام الأوراق والمواجهة التامة».   09/08/2019 المصدر: صحيفة الاتحاد | الإمارات

تحقيق: هل تعود القصيدة إلى تصدر المشهد الثقافي؟

تحقيق: هل تعود القصيدة إلى تصدر المشهد الثقافي؟

الشارقة: عثمان حسن إن فكرة ترويج الشعر بوصفه «ديوان العرب»، وإيلاءه أهمية مضاعفة من الناشرين والمؤسسات الثقافية، هو جل ما يطمح إليه الشعراء الآن، سيما مع توجه معظم الدور إلى الاهتمام بالرواية، بنسبة تفوق ذلك الاهتمام الذي شهدناه في ستينات وسبعينات القرن الفائت، حين كان للشعر دور استثنائي ارتبط بالبعد القومي والنضالي. في الإمارات، التي تشهد انفتاحاً على سوق النشر العربية والعالمية، بما توفره من بنية تحتية جاذبة تتيح للناشرين العرب، ابتكار الحلول، وتوفير منصات نشر لكافة أنواع الأدب، تبدو الساحة الثقافية مؤهلة لاحتضان كافة الأجناس الأدبية وفي مقدمتها الشعر، كما أن فكرة بروز الشعر، وعودته بقوة إلى الساحة، لكي يتصدر واجهة الإصدارات الأدبية، تلقى ترحيباً من الشعراء الإماراتيين، الذين أجمعوا على أهمية «ديوان العرب» ودوره الحضاري، وهو الذي يحفز المبدعين الشعراء على تجويد ما لديهم من قصائد ودواوين، لم تتسن لهم طباعتها بعد. في الإمارات أعلنت إحدى دور النشر الخاصة واسمها «رواشن»، عن نيتها التخصص في طباعة الدواوين الشعرية، في أشكالها المختلفة (العمودي والتفعيلة والنثر)، وهي مبادرة يشرف عليها الناشر معتز قطينة، الذي يؤكد أن فكرة الدار انبثقت من ملاحظته لإهمال دور النشر للإبداع الشعري، فرأى أنه يمكن استثمار هذه الناحية في اتجاهين ثقافي وتجاري، ضمن خطة استراتيجية، وفي ضوء اتفاق بينه كناشر وبين الشاعر من جهة أخرى، بما يوفر حلولاً ناجزة للشعراء، لها صلة بترويج دواوينهم، وتسويقها في الإمارات ودول الخليج العربي. وحول الكيفية التي اتبعها قطينة لترويج المنشور الشعري، يوضح أن خطته تعتمد مدخلين (تجاري وثقافي)، وهي تسير على مدى خمس سنوات، يضمن خلالها طباعة، وإعادة طباعة الكتاب أكثر من مرة، في ضوء اتفاق يضمن حقه وحق الشاعر المادي والمعنوي، وأنه يسعى لاستثمار وسائل التقنية الحديثة، بكل ما أوتي من قوة، حيث ستطبع الدار الكتاب الورقي، إضافة إلى نسخة إلكترونية من هذا المنتج، كما تقوم الدار كخطوة ثالثة باختيار موقع إلكتروني خاص بترويج الكتاب الشعري، وما يحمل من أفكار وصور ومضامين. الشاعر كريم معتوق، يرى أن هناك حاجة ملحة للاهتمام بالشعر وعودته إلى صدارة المنشور الإماراتي والعربي، وفي هذا الإطار نبه معتوق، إلى أن العصر التقني الذي نعيشه الآن، كفيل بتحفيز الناشرين على ابتداع طرق ووسائل خلاقة تليق بالشعر، وهو الذي يترك أثره في المتلقي لجهة تشجيعه على القراءة، ومتابعة القصائد والدواوين والإطلالة على رصيد المبدع، وما أنجز خلال مسيرته الإبداعية. وفي هذا الإطار، اقترح معتوق جملة من الملاحظات التي تعيد المنجز الشعري الإماراتي والعربي إلى واجهة الإصدارات الأدبية، ومن ذلك اتباع وسائل جديدة في عرض الكتاب الشعري في ضوء ما باتت توفره آليات تسويق المنتج الإبداعي، كتصميم مجسمات صغيرة من الإصدارات الشعرية، عدد صفحاتها لا يتجاوز الأربع، تقدم من خلالها نبذة عن الإصدار الشعري، وتتيح للمتلقي قراءة بضع مقاطع شعرية مؤثرة، من تجربة الشاعر. ويضع معتوق مثل هذه الأفكار الجديدة في إطار كسر قاعدة الترويج للشعر، وعزوف القراء عن الدواوين الشعرية، بما يقربه من ذائقة المتلقي العربي، وهو الذي يضع على عاتق الناشرين مسؤولية مضاعفة، كالاهتمام بإخراج الديوان من الناحية الفنية، واختيار نوعية ورق جيدة، إلى غير ذلك من الوسائل المبتكرة. الشاعرة شيخة المطيري، تفاعلت مع هذه الفكرة بقولها: «ما أجمل أن تكون لدينا دار نشر تعنى بالشعر، وذلك ليس إلا من باب سهولة الوصول إلى ما يبحث عنه القارئ، فالتخصص في دور النشر يساعد على توضيح خريطة الاقتناء». وأضافت: «إن وجود دار نشر متخصصة تهتم بطباعة الدواوين، هو أمر نحتاج إليه بقوة، في ظل اهتمام أغلب دور النشر المحلية والعربية بالأجناس الأدبية الأخرى، ولكن الأهم أن تكون هناك لجان جادة لتقييم الأعمال المنشورة، والتفكير في إعادة نشر الأعمال الشعرية القديمة والنادرة التي لم تعد متاحة للقراء». بدوره يفيد الشاعر أحمد المطروشي، بأن السنوات القليلة الماضية، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في ميل دور النشر العربية عموماً لطباعة الرواية على حساب غيرها من الأجناس الأدبية خاصة الشعر، وفي هذا يقول المطروشي: «ذلك لا يدل على أن الشعر قد خسر رصيده في ذاكرة القراء، فالشعر كائن أزلي أتى بعد الفلسفة، والقصيدة كائن له خطوات موثوقة فقد يخسر مرة، ولكنه يعود بقوة»، ويضيف: «إذا أردت الحكمة والفلسفة فارجع إلى الشعر، ارجع إلى الشعراء الكبار والملاحم المعروفة في التاريخ، فما تحتاجه لقراءة تاريخ الإغريق، ستعثر عليه في الإلياذة، وهكذا بالنسبة لكثير من تاريخ الشعوب وحكمها وفلسفاتها». كما يؤكد المطروشي أن هناك تحيزاً لمصلحة الشعر على حساب الرواية، فالرواية جنس أدبي ممتع، لكنها تخاطب الواقع، بينما إذا أراد القارئ النهل من منابع الحكمة والفلسفة، فعليه أن يعود للشعر، ولجذوة الشعر، حيث البعد الإنساني، وحيث احتراق القصيدة، وانفعال ووهج شاعرها الذي يضيء الدروب، ويشف كالندى على مساحة نبضه ووهجه ومشاعره. الشاعر الدكتور طلال الجنيبي قال: «هذه مسألة مهمة، أنْ نسعى كمؤسسات ومثقفين إلى معالجة قضية الشعر، وترويجه في ظل انحسار المد الشعري على حساب المد الروائي إن جاز التعبير»، والشعر كما يؤكد د. الجنيبي سيبقى ديوان العرب، وله مكانته الخاصة في الضمير العربي، ويجب أن نحافظ على هذه المكانة؛ لما له من دور محوري في الثقافة، سيما أن القارئ العربي له علاقة تاريخية وثقافية مع الشعر. إذا تسنى وجود دار نشر متخصصة للشعر، يؤكد د. الجنيبي: «فسنتمكن من تسليط الضوء على الشعر بعيداً عن منافسة الأجناس الأدبية الأخرى، وكلنا نعرف أن هذه المنافسة، قد تكون غير عادلة؛ لأن الرهان على متلقٍ جيد، محكوم بمقدار ما يقدم له من نتاج أدبي مرموق». الرهان على الشعر ودوره الأدبي والتاريخي كما يؤكد د. الجنيبي، لصيق بما يتيحه من مساحة للروح والوجدان، كما أن التركيز على نشر وطباعة الشعر، من خلال توفر دور نشر متخصصة، يبعث الروح في جسد الشعر من جديد، بعد ما أصابه من ترهل وغموض، وما لقيه من مجافاة القراء له، كما يبعد عنه المنافسة الشرسة مع الرواية، وهي فرصة لتجويد المنتج الشعري وما فيه من عناصر تنقله إلى مستوى متقدم، يمكنه من تحقيق دوره في الإضافة والتجديد، ليكون قريباً من ذائقة المتلقي بما يتمتع به من صور وأفكار ومضامين، ومساحة خصبة من الخيال.   28/08/2018 المصدر: صحيفة الخليج | الإمارات

أول دار نشر عربية تتخصص في الشعر

أول دار نشر عربية تتخصص في الشعر

في خطوة جريئة تعيد للشعر العربي رونقه وتستعيد وهج حضوره، تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة تدشين دار “رواشِن للنشر”، كأول دار نشر عربية متخصصة في نشر الشعرِ، وما اتصل به من نقد ودراسات وبحوث فقط. وحدّدت دار “رواشِن” منتصف سبتمبر المقبل من العام الجاري 2018 موعداً لإطلاق أول إصداراتها، وأعلنت في بيان صحفي، أنها ستتبنّى إصدار كتب الشعر، ورقياً وإلكترونياً، متعهدة بتقصّي الأسماء الجديدة والأعمال الأولى، إلى جانب البحث عن الأعمال الشعرية التي لم تجد فرصة لكي تخرج إلى النور أو تصل ليد القارئ العربي. وأكّد مؤسس الدار، معتز قطينة، أن الدار تهدف إلى حل مشكلتين أساسيتين يواجهها الشعراء، تتمثل الأولى في غياب العلاقة التعاقدية المؤسسية مع الناشر بما يضمن حقوق الكاتب، بينما تتعلق المشكلة الثانية بضعف ترويج الشعر وتسويقه لدى القارئ والمحافل الأدبية، مركزاً على الإمكانيات الهائلة التي توفرها التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي في الوصول إلى القراء في المنطقة العربية والعالم بأسره. المصدر: بوابة العين الإخبارية | الإمارات

للشعراء فقط.. دار نشر جديدة تتعهّد بحل مشكلتي التسويق والتعاقد

للشعراء فقط.. دار نشر جديدة تتعهّد بحل مشكلتي التسويق والتعاقد

انطلقت من الإمارات العربية المتحدة دار رواشِن للنشر. وتقدّم الدار نفسها باعتبارها داراً عربية متخصصة في نشر الشعرِ فقط، لتكون بذلك أول دار عربية يقتصر إنتاجها على جنس أدبي وحيد. وأعلنت أنها ستتبنّى إصدار كتب الشعر، ورقياً وإلكترونياً، متعهدة بتقصّي الأسماء الجديدة والأعمال الأولى، إلى جانب البحث عن الأعمال الشعرية التي لم تسعفها الفرصة في الخروج إلى القارئ. ويؤكّد معتز قطينة، مؤسس رواشِن، أن الدار تسعى إلى حل مشكلتين أساسيتين يواجهها الشعراء، تتمثل الأولى في غياب العلاقة التعاقدية المؤسسية مع الناشر بشكل يضمن حقوق الكاتب، فيما تتعلق المشكلة الثانية بضعف ترويج الشعر وتسويقه لدى القارئ والمحافل الأدبية، مركزاً على الإمكانات الهائلة التي توفرها التقنية الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي في الوصول إلى القراء في المنطقة العربية والعالم بأسره. وحدّدت دار رواشِن منتصف سبتمبر المقبل من العام الجاري 2018 موعداً لإطلاق أول إصداراتها.   المصدر: صحيفة أنحاء | السعودية

تسجيل الدخول

You dont have an account yet? تسجيل الان